الإشراف..

يتشرف المدون بإنضمام الأخوات نمار وجابريه كعضوات فاعلات ومشرفات أساسيات في المدونه..

2014/01/12

وعاد بخفين فارغين

وعاد بخفين فارغين
========
كان هناك طالبا في جامعة دمشق اجتاز جميع المواد في سنته الأولى إلا مادة واحدة, كانت المادة الخاصة بالسياسات البعثية وقدرات الرئيس حافظ الأسد التي لا تضاهيها حتى قدرة الله, وأنه الفارس المغوار, مخلص الأمة الذي لا يشق له غبار, والطريف أنه مات ولم يخلص لا أمة ولا حتى خمة, حتى المخمة تبرءت منه, وكان على من يريد أن يجتاز هذه المادة الخاصة بالصنم الأسدي أن يكون حاملا للصفات الآتية: كذاب لدرجة البهت, منافق, دجال, وضيع, ساقط, أنا إن كان طالبا لا حول له ولا قوة, فعليه أن يكون كذلك في فترة إختبار المادة على الأقل.
لكن؛ يبدو أن صاحبنا لم يجد هذه الصفات فيه أو أنه حاول ولم يصل للمستوى الذي يريدونه, فكان دائم الرسوب بها, حتى وصل للسنة الأخيرة وهو يحملها معه, ولن يتخرج دون أن يجتازها, فتورط المسكين أيما ورطة, وأكل هوا أيما هوا, وفي نفس الوقت لم يترك حرفا في الكتاب فيما يتعلق بالسياسة والفقرات الموضوعة كذابا فيه مثل قضية فلسطين (المحشوة حشوا في الكتاب) إلا وحفظه, سوى أنه ضعيف في المديح وتمجيد الآلهة (سوى الله), وركيك في صنع الجمل والكلمات البراقة, فماذا يريدون؟!, إنهم يريدون إسقاط الصفات الإلهية على الصنم الكبير, وقد مضت عليه السنوات ولم ينتبه لها.
كان في جمعة مع زملائه أو مواطنيه من الطلبة المغتربين, وللعلم هو غير سوري, فحدثهم بالمادة وجهله لعلة رسوبه بها, فقال له أحدهم, هل فعلا لازلت تجهل السر؟, فقال نعم, فماذا هناك بعد حفظ الكتاب كإسمي, قال: امدح الرئيس المناضل محرر الأمة, ومشرئب أعناقها للعلا والأمجاد... إلخ, وشرح له كيفية عبور هذه المادة بالنفاق والدجل.
جاء موعد تقديم المادة, فكتب أخينا ما يلي: "إن سيادة الرئيس حفظه الله ورعاه قائد الأمة ومحررها, محقق الأمجاد والآمال, كان حكيما في جميع قرارته جعلني الله ووالداي فداه, ولم يخطئ خطئا واحدا في سياسته حماه الله من كل عدو وحاقد, وأطال الله بقائه, ولو فديناه بكل ما نملك من مال وروح وجسد لم نوفه حقا, ولم نصل إلى فضل شسع نعله علينا, وكم تتشرف جماجمنا أن تكون مداسا لأقدامه, ورقابنا كراسي لجلسائه, ووظهورنا متكئا لأكواعه, إنه المجد بعينه والعزة بأنفتها, والمدد بأنواعه, والملهم بأنفاسه, فقد كان سدا منيعا لإسرائيل لا حرمنا الله منه, فلولاه لكنا مصيدة للأعداء, ولقمة سائغة للمتربصين بأمتنا, إلا أن شجاعته وإقدامه ورؤيته وبصيرته النافذة لما وراء العقول والقلوب, وإتخاذه القرارات الحاسمة والإستنفار لمواجهتها حمتنا من كل هذا, إنها الحكمة والقيادة والريادة والزعامة تتمثل في شخصيته العظيمه, وإن قوى الرجعية التي تحاول أن تنال من قائدنا الملهم, الزعيم المناضل المعجزة الإلهية حكيم البشرية لن تستطيع أن تتمكن منه, فقد بنى مجدا عظيما للأجيال القادمة بحنكته التي لا تضاهيها حنكة... إلخ".
ماذا فهمتم من جواب الطالب!, لقد كان كلما كتب كلمة ألحقها بعشرات التمجيد والألقاب, واستمر حتى سلم ورقة الإمتحان بهذه الطريقة.
دعاه أستاذ المادة الذي كان إنسانيا أكثر من غيره فأتى إليه الطالب, فصدق حدسه أن هذا الطالب ليس مواطنا سوريا, حيث أنه يعلم أن السوري لن يتجرء ويستهزء, كما كانت بعض الجمل توحي بأن الكاتب ليس سوريا, ربما كتب مثلا (طويل العمر), فاستغرب أشد الإستغراب من فعله, وقال له: لماذا كتبت هكذا, أما تخشى أن نضيع مستقبلك؟, فقال له الطالب العربي: هذه المرة كذا أقدم المادة فيها ولم أنجح, ماذا أفعل, أأنتحر, فتلك هي الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن تنجيني, ولم يبقى لي للتخرج سواها, وأنا مغترب أريد العودة لبلدي, فمن غير المعقول أن يتأجل تخرجي إلى أجل غير مسمى من أجل مادة ثانوية, فقال الدكتور: هل تعلم لو أن هذه الإجابة علم بها غيري ماذا كان سيحدث لك؟, أولا لو كنت سوريا ستختفي إلى الأبد, وبما أنك عربي من بلد آخر فأقل عقاب سيكون فصلك ولو كنت على أبواب التخرج, فكان واضحا أن كلامك عبارة عن إستهزاء بالسيد الرئيس, ولم يكن مديحا نابعا من القلب, والآن؛ اغرب عن وجهي وسأكتفي بترسيبك.
يعني: "لا طبنا ولا غدا الشر", وعاد صاحبنا بخفين فارغين, خف عقله الذي ضرب وتلف, وخف المادة التي رسب بها.
  والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
=================
وكتبه/ العبد الفقير إلى رحمة ربه وعفوه
داعي التوحيد و نابذ البدع
@Alllprooofالحجة_ابن_عائشة
في 12 / 1 / 2014
http://antibiotic-for-all.blogspot.com
antibiotic.for.all@gmail.com
================

هناك 4 تعليقات:

  1. ( فكان واضحا أن كلامك عبارة عن إستهزاء بالسيد الرئيس, ولم يكن مديحا نابعا من القلب ) هم يعلمون قبل غيرهم أنه لايوجد أحدا يحبهم فضلا على أن يمدحهم .. يكفيهم أن يتملقهم الشخص ويتبرك بعظمتهم حتى يرضوا فقط .. نفاق إجتماعي مورس مع من كان قبلهم ويُمارس الآن معهم مع الفارق الكبير بين الحالتين .. فيما مضى كان يمُدح الحاكم ويُبجل من أجل أن ينالوا منه حظوة ورحم الله ردة فعله فقد كان كريما ( بغض النظر عن مدى مشروعية ردة الفعل المهم أنه يُكافئ لربما يصدق فيه بعض الكلام الذي قيل عنه ) .. واليوم يُمدح من أجل أن يتقي الناس شره ( وليتهم يسلمون ) لربما عاب عليك بعض الألفاظ بحجة أنها مستهلكه ولم ترقى لذائقته الخبيثه ولاتتعجب أن عاقبوا على مثل هذا الأمر !!! ماأوصل هؤلاء وغيرهم لمثل هذه العنجهية والعجرفة إلا كثرة المتزلفين لهم الذين أعموا أبصارهم وأصموا آذانهم عن الواقع حتى أخذوا لهم طابع القداسة وفرضوه على الأتباع قسرا والذين لم يكن لهم بد من قبوله للحفاظ على حياتهم .. رحم الله الحسن البصري الذي سبر أغوار هؤلاء فخرج لنا بهذه النتيجة قائلا « تولّى الحجاج العراق وهو عاقل كيّس، فما زال الناس يمدحونه حتى صار أحمق طائشاً سفيهاً » ..

    أثابكم الله الحسنى وشكر لكم سعيكم ..

    ردحذف
    الردود
    1. تحليل منطقي ورائع
      أثابك الله الجنة وجزاك خيرا..

      حذف
  2. هذه القصه يجب أن تُلحق بموضوعك
    (الدين غير وأصنامكم غير ) ماكنت اعرف ان
    المدارس السوريه في عهد الفاشل حافظ الاسد
    يقصدها طلبه غير سوريين فلو مكث هذا الطالب
    في بلاده من غير تعليم كان خيراً له من ان يتعلم من
    مدارسهم المضيعة للوقت والجهد وفي النهايه لن يستفيد
    شئ لا شهاده تفيده في مستقبله ولا علماً يتزود به !
    واعتقد ان القصه ماهي الا جزء يسير جداً من بقية الحكايات
    والقصص المأساويه التي تمجد هذا الصنم فماخفي كان اعظم
    بارك الله فيكم ونفع .

    ردحذف
    الردود
    1. جامعة وليست مدرسة..
      ثم أن التعليم كان جيدا في سوريا, لكن إذا كنت تقصدين ان الواصل هناك أو المسئول وابنائه يعبثون فيه
      ويحصلون على شهادات هشك بشك بحكم مناصبهم فهذا صحيح,
      وهذا موجود في كل دولنا وليست هناك فحسب..
      لكنه بشكل عام بالنسبة للعوام والمواطن العادي فهو جيد وممتاز..

      وبالنسبة لوضع الموضوع في (الدين غير وأصنامكم غير), فأنت محقة, إلا أن ذلك الموضوع كان تغريدات
      وكذلك لم أعد أميل إلى إطالة المواضيع حتى لو جزأتها, حتى تقرأ..

      الله يبارك فيك وينفع بما تقدمين...

      حذف