الإشراف..

يتشرف المدون بإنضمام الأخوات نمار وجابريه كعضوات فاعلات ومشرفات أساسيات في المدونه..

2016/03/10

من القلب إلى القلب...

من القلب إلى القلب...
========
"الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور"
قال الله تعالى "أحسن عملا", ولم يقل "أكثر", لأن العبرة ليست بكثرة العمل بقدر ما هي بحسن العمل وإخلاص النية فيه لله تعالى وحده, فمئة صلاة بلا خشوع وعقلك يفكر في أمور دنيوية إجتماعية أو تجارية أو ما شابه, ولا تعرف حتى ماذا قرأت فيها, لا تساوي صلاة واحدة فيها إحسان وضوء, وكان قلبك فيها خاشعا وكانت جوارحك متجهة لله تعالى ومستشعرا لآياته التي تقرأها, ومستحضرا روحك للسجود بكل عبودية لربك...
وألف ألف صدقة تذكرها في المجالس أو تود من الناس معرفتها أو فيها منة أو أذى, لا تساوي دينارا واحدا تدفعه في خلوة مع نفسك لا يعرف عنك أحد شيئا إلا الله, وكما سئل رسولنا الكريم عن معنى الإحسان فقال: "أن تعبد الله كأنك تراه, فإن لم تكن تراه فإنه يراك"...
لقد وصلنا لمرحلة حتى "لا إله إلا الله" نقولها لفظا دون إحساسا, وكأنها مهمة مفروضة علينا نأديها وكفى, فنعلم أن هذه الكلمة تنجينا من النار لذلك نقولها ولكننا ننسى أو نتناسى أو نجهل لقلة تفقهنا في ديننا أن رسولنا الكريم "صلى الله عليه وسلم" قال: "فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله", فنعمل فعلا بقول "لا إله إلا الله", ولكننا نتغافل عن "يبتغي بذلك وجه الله", فنقولها بلفظها دون أن نستشعر عظمتها وأن الله خلق الكون من أجلها, فكم مرة نذكر أنه لا إله إلا الله يا ترى, في مجالسنا وبيوتنا وأعمالنا وقضاء حاجاتنا ورقادنا, وهل إذا قلناها تكون خارجة من الروح أم من اللسان, وهل نقولها بمشاعر هادئة مريحة أم بسرعة لا تركيز فيها, وربما أحيانا ندمج أحرفها فلا تكون جملة كاملة...
إنه لحكمة يقتضيها الله قد جعل الحرام أغرى من الحلال فكان الإبتلاء الإلهي "ليبلوكم", فمن أحسن عمله وترك الحرام لأجل الله فقد عوضه الله, ومن أخلص في عمله وتوجهه إلى ربه فقد وصل إلى الطريق الصحيح والسليم, وإن الله لا يبتلينا إلا لنلجأ إليه في الدعاء والعبادات الأخرى, ولكي نصبر على البلاء لحسن ظننا بالله, ولذلك قال تعالى: "وبشر الصابرين" الظانين بالله الظن الحسن, وإن الله عند حسن ظن العبد به, فإن أحسن الظن كان له ما أحسن به, وإن أساء الظن بربه كان له ما أساء الظن به...  
إنه مهما فعلت والذين أولئك يبتدعون في الدين ظنا منهم أنهم يتقربون إلى الله بما يفعلونه كالمذاهب والطوائف المنحرفة ومنهم من يعذب نفسه بسياط أو سيوف, ومنهم من يرقص على وقع الطيران, ومنهم من يلجأ لغير الله أو يجعل مع الله ندا... إلخ, لا ينفع, ناهيك عن الشركيات التي تعتريها من أولها إلى آخرها, فتوجه لله وحده وصلاة أو صيام فيهما إخلاص وخشوع وعبودة لهي أفضل من كل ما يأتي به المرء من أفعال يجهد بها نفسه وربما يخسر أمواله ووقته وهو لا يستفيد من كل ذلك شيئا...
كن ممن تشملهم هذه الآية: " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين", ولا تكن كمن شملتهم هذه الآية: " قل هل ننبؤكم بالأخسرين أعمالا, الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا", أو هذه الآية: "ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها, أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون", واحذر أن تكون ممن:  "أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون, إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا",  وتذكر قوله تعالى: "وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين"...
جاء الحديث في محضر تدبر آيات الله "أحسن عملا", فقد نقرأ الآية كثيرا وتمر علينا دون أن نعلم ما هو الفرق بين الأحسن والأكثر, ولا نستفيد شيئا من قراءتنا, وبالتالي فيتوجب علينا أن نتفكر بكتاب ربنا ونعيد قراءته من جديد بتدبر أكبر, حينها سنشعر أننا لم نقرأ القرآن يوما, وإنما كانت قراءاتنا هي مجرد عادة نقوم بالله وليست عبادة بالقدر الكافي الذي يرجى منا...
   @Alllprooofالحجة_ابن_عائشة
في 10 / 3 / 2016

هناك تعليقان (2):

  1. يقول تعالى (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) يسير من حيث الحفظ ومن حيث الإتعاظ والتدبر يسير لمن أراد إستخلاص العبر ومعرفة مراد الله عزوجل من كل حادثه يتحدث بها القرآن .. لا أخفيك أن الصروح التعليميه ودور التحفيظ قد قصرت كثيرا في هذا الجانب فالقرآن إما أنه مادة تُدرج ضمن مجموعة مواد يتم تدريسه بعيدا عن تفصيل معانيه وتدبر آياته وربطه بالواقع أو كورد يومي يُعنى بحفظه دون تعميق معانيه في النفوس لذلك لا نستطيع إستدراك جماله وهو يُدرّس على هذا النحو ..

    جزاكم الله خير الجزاء ..

    ردحذف
    الردود
    1. المفروض أن يكون حفظ التفسير والتدبر أهم حتى من الحفظ..
      على الطاري, سمعت ذات مرة لمعمم يقول أن (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) أي يسرنا القرآن للمهدي... ههههههههههههه
      ثم أردف قائلا: (فاسألوا أهل الذكر) أي فاسألوه...
      جزاكم الله خيرا...

      حذف